أعرف أنني اختفيت طويلا ..
وكم اشتقت للتدوين ، ولمدونتي الأثيرة على نفسي ..
والغريب أنني عدت اليوم للكتابة ، ولكن عكس معظم العناوين المنتشرة على الساحة حولي في هذه الٱونة من الزمان ؛ فموضوعي ليس عن العام الجديد ^_^ ..
في الحقيقة كان العام الماضي 2017 حافلا بالأحداث ، ولم يمر عليّ مر السحاب ..
كان بحلوه ، و مره عاما جميلا ، سعيدا والحمد لله رب العالمين
(السعادة بالمناسبة “من وجهة نظري المتواضعة” أمر نسبي ، كل منا يراه بطريقته ) ..
على أي حال عامي الماضي ، و رحلتي فيه ، و كل أحداثه ، وفصوله ، وما تعلمته فيه دونته لنفسي ، مع نفسي في مفكرتي الخاصة ..
واليوم أكتب هنا تأملاتي
وتأملاتي هذه المرة في شطيرة أو ساندويش تونة !!…
ولن أتحدث عن سعر التونة المرتفع ، ولا عن الأزمة الإقتصادية في البلد ، لإن النحيب والولولة لن يغيرا الواقع الذي نحن فيه ، بل بالصبر والإيمان ، والدعاء ، والعمل ، والأمل في الله تتحسن الأمور كلها بإذن الله …
هي أزمة وستمر، كما مرّ غيرها ، وكل مُرٍّ سيمر بإذن الله تعالى ..
∆شطيرة من التونة∆
وقفت على حافة الطاولة ، و أمامي الخبز ، وعلبة التونة ، و علبة الزيتون الأسود المنزوع النوى ، وعلبة الهريسة
(صلصة فلفل أحمر حارة مخلوطة مع توابل ..
الهريسة محبوبة جدا في ليبيا ، فهي تعطي طعما شهيا ، حريفا للطعام ) ..
فتحت علبة التونة في فتور ، وأفرغت محتوياتها في إناء بالشوكة ، و مددت يدي نحو الخبز لأقطعه بالسكين ، وشعرت لوهلة أنني أقوم بعمل مهم ، و نظرت لساعة المطبخ قائلة يجب أن أنتهي من إعداد الساندويشات قبل الساعة كذا (حددت لنفسي وقتا) ، وهي بالمناسبة طريقة ممتازة لصيد الوقت أن تراقبي وقتك ، وتضعي بداية ، ونهاية زمنية لكل مهمة ..
سرحت مع أفكاري كالعادة ، هل حقا الوقت الذي سأقضيه هنا طويل ؟
تأملت في سمكة التونة نفسها ، كيف وصلت إلى يدي أصلا ؟
وتذكرت ذلك البرنامج الوثائقي الشيق الذي شاهدته على قناة ناشيونال جيوغرافيك عن اصطياد سمكة التونة العملاقة ، ويالها من مغامرة مثيرة تلك التي يخوضها صيادوا هذه السمكة حتى تصل من البحر ، للسوق ، ناهيك عن مراحل إعدادها ، و تعليبها ، ثم بيعها حول العالم …
وماذا عن الخبز ؟
كانت النساء تعجن الخبز منذ الصباح الباكر ، وتجهزه وتشعل النار وتخبزه في التنور بنفسها ، وها هو خبزي بين يدي جاهز ، سخر الله لي من صنعه لي ، بل وسخر لي من أحضره للبيت مشكورا ، وجزاه الله عني خيرا ..
والزيتون معلب ، بل ومنزوع النوى ..
هل أنا من زرعته وانتظرت عشرات السنين حتى حصدته ؟
ثم نزعت منه النوى ، وعلبته ؟؟
والهريسة الحارة جاهزة ، فلا أنا جففت الفلفل ، ولا طحنته ، ولا احمرت عيناي ، ولا احترقت أصابعي ، !!!!
ورغم ذلك أحسب الوقت الذي سأقضيه في عمل الساندويشات ، وأراه طويلا !!!!
تذكرت الٱن وأنا أكتب تأملاتي ماكتبه الدكتور مصطفى محمود رحمة الله عليه في كتابه “الشيطان يحكم” ، وهو كتاب قيّم ، تركت لكِ رابط لتحميل الكتاب إن أحببتِ الإطلاع عليه …
ففي سياق الحديث عن السعادة ، كتب أن الإنسان كلما ازدادت حياته سهولة ، كلما ازداد شكواه ، و تذمره و زادت عجلته ..
همسة :
فلنتوقف لوهلة وسط عجلة حياتنا المتسارعة نتأمل النعم الظاهرة ، والباطنة التي أنعم الله بها علينا ، ونقول من القلب الحمد لله ..
فالحمد لله تملأ الميزان ، و بها يسعد القلب ، و تنتعش الروح ، و تزهر بها الحياة ، و تزيد النعم ..
حتى نلتقي في تأملات جديدة ، و مواضيع أخرى متنوعة ..
أطيب المنى و في أمان الله ..